الاثنين، 18 مايو 2015

شرح الوحدة الأولة : الثقافة الأسلامية




مفهوم الثقافة الأسلامية  

 أ - الثقافة في ( اللغة ) هي من كلفة ثَقَفَ ولها معانٍ متعددة يرجع بعضها إلى أمور معنوية وبعضها إلى أمور حسية 
ومن الأمور المعنوية الحذق و الفطنة و الذكاء و  التهذيب و الظفر و التأديب و المصادفة و سرعة أخذ العلم وفهمه و تنمية الموهبة و الفكر ومن الأمور الحسية تقويم المعوج والتسوية و إدراك الشية والظفر به والغلبة و الأخذ في القوة و الأصلاح والوجود ولقد ذكرت كلمة ثقف في القرآن الكريم في قوله تعالى : ( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ) ومن هذا سنعلم أن الدلالة اللغوية من مصطلح الثقافة واسع ومتنوع تتناول الجانب المعرفي والجانب السلوكي وأما عند الغرب فـ يدل على تنمية العقل و الذوق و الأداب بالمعنى المعنوي  . 



ب - الثقافة في ( الأصطلاح ) هو جملة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب العلم بها والحذق فيها 

ج - يوجد علاقة قوية بين الثقافة والعلوم بينها وبين الحاضر لهاذا يحسن بيان هذه العلاقات بين الثقافة وهذه المعارف المختلفة 
أولاً - العلاقة بين الثقافة والعلم : فالعلم جملة من المعارف المتنوعة التي يحصل عليها المتعلم والثقافة كذلك فالعلاقة بينها في التشابه والتكامل أما من ناحية الأختلاف فتتميز الثقافة بالتنوع والشمول فمن أخذ شيء من كل شيء قد أصبح مثقف وأما العلم فقد تميز بالتخصص فمن أخذ كل شيء تقريبا من شيء واحد فقد أصبح عالما ً والثقافة طابعها الشخصي تختلف من ثقافة أمة لأخرة فثقافة الوثني والهندوس والنصارة تختلف عن بعضها البعض لأن كل ثقافة تستمد عناصرها من تصورها الديني في المقام الأول فأما العلم طابعه موضعي تتحدد فيه النتائج فالماء مثلاً يتكون من ذرات الأكسجين وذرة هايدرجين وهذا في كل الثقافات 
فيتبين مما تقدم أن ميدان الثقافة أوسع من ميدان العلم وإن كان العلم يخدم الثقافة ويرشدها فهي لاتستغني عن العلم 
ثانياً - العلاقة بين الثقافة والحضارة : فالحضارة تتناول جملة من مظاهر الرقي العلمي و الفني والعلمي والأجتماعي التي تنتقل من جيل إلى أخر في جوانب الحيات المادية فأما الثقافة فهي جملة العلوم والمعارف التي يطلب الحذق فيها فالثقافة تهتم بالجوانب المعنوية والحضارية ألصق بالماديات وهذا الفرق في الجانب النظري فقط . فأما فيي الجانب العلمي فهما يرتبطان معا ُ أرتباطا وثيقاً لأن الثقافة كل أمة هي أساس حضارتها وفكرها و أسلوب حياتها و الثقافة والحضارة متفقان من هذه الناحية 
فالثقافة هي المظهر العقلي للحضارة والحضارة هي المظهر المادي للثقافة 
د - تعريف الثقافة في الأسلام اصطلاحا :كل أمة ثقافة خاصة بها وأمة الأسلام تنفرد ثقافتها عن ثقافة سائر الأمم حيث تكتسب تميزها الخاص بين الثقافات في تحديدها أولا و في مقوماتها و عناصرها وخصائصها ثانياً 
إن تعريفات الثقافة الأسلامية متعددة ويرجع هذا التعدد إلى :
1- جدية هذا المصطلح وحداثته
2-أختلاف تصورات العلماء المعاصرين حول هذا المصطلح .
وأقرب تعريف لها أنها ( معرفة مقومات الأمة الأسلامية العامة بتفاعلاتها في الماضي والحاضر من دين ولغة و تاريخ وحضارة وقيم وأهداف مشتركة بصورة واعية هادفة )
أهمية الثقافة الأسلامة 
تتجلى أهمية الثقافة الأسلامية بالنظر إلى أهدافها  و آثارها 
أهداف دراسة الثقافة الأسلامية :
1- تقديم التصور الصحيح الكامل و الشامل للحياة و الإنسان و الكون من خلال تحديد علاقة الأنسان بربه وعلاقته بنفسه والأخرين وبالكون أجمع .
2- إمداد الدارس بحصيلة مناسبة من المعارف المتعلقة بالأسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة وحضارة بوصفه ديناً عاما لصالحا ً للبشرية في كل زمان ومكان وهذا يعطيه حصانة ضد تيارات الإلحاد المختلفة 
3- تنمية روح الولاء للإسلام وتقديمه على مستواه من صور الأنتماءات الأخرى مثل القومية والعرقية أو العنصرية لأن الولاية تكون لله ورسوله والمؤمنين . أي الولاء لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه 
4 - إبراز النظرة الشمولية للإسلام باعتباره كلاً مترابطاً متكاملا لا ينفصل فيه أصل أو فرع عن آخر والتخلص من النظرة الجزئية له التي تصره على بعض جوانب الحياة مثل دعوة الألتزام بالفروض الخمس وأخذ الأقتصاد أو السياسة أو الأجتماع أو تصور الكون بعيداً عن الشريعة أو العقيدة 
5 - ترجمة الأخلاق والتعاليم الأسلامية إلى واقع علمي وسلوكي ملموس يعايشه المسلم في حياته العملية اليومية بعتبار الأسلام نظاماً تطبيقياً في الحياة 
6- بيان خصائص الأسلام وسموه و إظهار وسطيته وقدرته على تحقيق السعادة في الدارين 
ب - أثر الثقافة الأسلامية :إن أثر الثقافة الأسلامية على الثقافات الأخرى من الأمور المسلم بها لأن المسلمين أحرزوا نجاحات باهرة في مساحات واسعة من العالم لكن من المهم أن يتبين أبناء الأمة موقعهم في هذا العالم وموقف الأعداء والأصدقاء منهم لأن لذلك أثر عظيما في حياتهم ومستقبلهم و من أهم أثارها : 
1- أثرت الثقافة الأسلامية على الثقافة الأوربية فيمختلف الميادين ومنها ميدان العقيدة و الدين الذي ظهر في حركة الأصلاح الديني التي ظهرة في أوربا منذ القرن السابع حتى عصرنا الحديثة فوجد عندهم من ينكر عبادة الصور ومن ينكر أيضا الوساطة بين الله وبين العباده ومن ينكر الأعتراف أمام القسيس لأن لا حق له في ذلك بل يتضرع الأنسان إلى الله وحده في غفران ما إرتكب من إثم وأكد كثير من الباحثون أن ( لوثر ) في حركته الأصلاحية كان متأثرا بما قرأه للفلاسة العرب والعلماء المسلمين من آراء في الدين و العقيدو والوحي وكان هذا التأثير عبر منافذ عدة : عن طريق بلاد الشام وصقلية و الأندلس وغيرها 
2- إنتشر الأسلام وثقافته في الشرق الأقصى مع حركت التجار التي كانت إحدى القنوات الأتصال المهمة حيث نقل التجار المسلمون الكثير من مظاهر الثقافة الأسلامية إلى مختلف الشعوب في قارت أسيا وإفريقيا .
3- كما إنتقلت الثقافة عن طريق الترجمة حيث ترجمت أمهات الكتب العربية والأسلامية إلى اللغات الأخرى في مختلف ميادين العلم والفلسفة في القرون الوسطى و عصر النهضة وبداية العصر الحديث ولهذا ضهر الأثر البارز للثقافة الأسلامية على غيرها ولقد شهت الكثير من الباحثين والمفكرين الغربين على ذلك الأثر القوي الذي أحدثته الثقافة الأسلامية 
على الرغم من هذه الأثار إلا أنه يلحظ في دراسة الكثير من المستشرقين التهميش والتجهيل والأنكار  لمآثر العرب المسلمين في العلوم والفلسفة ويرجع ذلك السبب إلى الصور المشوهة عن المسلم وثقافته حتى أصبح الأسلام بموجبها عصر موجود و تختلف في نظرهم مع تجاهل إبداعاته 
مصادر الثقافة الأسلامية 
اولأ: مصادر شرعية أصلية  وهي من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة 
ثانياً: مصادر فرعية وهي الجماع والقياس 
مصادر الأصلية :
المصدر الأول /القرآن الكريم : هو كلام الله الذي أوحى به إلى نبيه محمد بلفضه ومعناه و الذي تعبدنا بتلاوته و العمل به 
وهو المصدر الأساس لهذه الثقافة والمشتمل على أصول العلوم المختلفة أنزله الله هدى وروح للعالمين تبياناً لكل شيء جعله الله كتاب عقيدة وهداية وتربية وتعليم وثقافة حوى اداب وقيم وسلوك تنظم حيات الأمم والأفراد في مختلف الجوانب الأجتماعية والأقتصادية والسياسية وغيرها 
فيه أخبار من قبلنا ونبأ من بعدنا وفصل ما بيننا من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى الصراط المستقيم .
مزايا القرآن :
1 - أن الله حفظه من التحريف في القرون السابقة وسيبقى كذلك إلى يوم القيامة 
2 - أن القرآن جاء مؤيدا ومصدقا لكل الكتب السابقة ومهيمنا عليها 
3 - إحتوى القرآن على شريعة عامة للبشر فيها كل ما يسعدهم في الدارين 
4- جمع القرآن كل ما كان متفرقاً من العقائد وأصول العبادات ومكارم الأخلاق في الكتاب السابقة 
المصدر الثاني : السنة النبوية 
في اللغة / الطريقة والسيرة والاسلوب والمنهج 
في الأصطلاح / هي كل ما صدر عن النبي من قول وفعل وتقرير او صفة خلقية او خلقية او سيرة 
والسنة أنواع منها
 السنة القولية :مثل قوله عليه الصلاة والسلام ( إنما الأعمال بنيات )
السنة العملية : مثل أفعال ووضوئه وصلاته وحجه 
السنة التقريرية : وهي ما أقره عليه السلام مما صدر عن أصحابه من قول أو فعل بسكوته او إضهار الرضى عنه 
فالسنة هي المصدر الثاني من بعد كتاب الله تعالى والأعتماد عليه أمر ضروري في بناء الثقافة الأسلامية لأن القرآن جاء بالعموميات والكليات تاركاً التفاصيل إلى السنة النبوية فلا يعرف بقوله تعالى ( وأقيموا الصلاة ) إلا بقول الرسول : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وغير هذا من الأحاديث الموضحة لكيفية الصلاة بجميع أركانها وشروطها من الفرض والسنة 
مكانة السنة مع القرآن تأتي على ثلاثة أحوال : 
1 - أن تكون موافقة له فيأتي حكم القرآن والسنة معا ً مثل أمر الصلاة والنهي عن الزنا 
2 - أن تكون السنة بيان للقرآن وتفسيراً له مثل تفسير الزيادة في قوله ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) فرسرها الرسول صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى الله تعالى 
3 - أن تجيء السنة بحكم لم يرد في القرآن مثل إجاب إستئذان المرأة عند إرادت تزويجها و تحريم الجمع بين المرأة و عمتها .
فالقرآن الكريم والسنة النبوية بينهما من التلازم ما شهدت به كثير من الأيات والأحاديث فقال تعالى : ( وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهكم عنه فنتهوا) 
ثانياً : المصادر الفرعية 1 - الإجماع 2 - العياس 3 - التاريخ الأسلامي 4 - اللغة العربية 5- التراث الأسلامي 6- الخبرة الأنسانية النافعة .
التحديات التي تواجهها الثقافة الأسلامية 
واجهة الثقافة الأسلامية تحديات عديدة متنوعة ومن أهمها :
 أولا ً الغزو العسكري : عانة الأمة الاسلامية من هجومات عسكرية ظالمة استهدفت وجودها وثقافتها منذ القدم ومن ذلك : 
تآلب الأحزاب من العرب المشاركين على المدينة مع اليهود من الداخل في السنة الخامسة من الهجرة في غزوة الأحزاب المشهورة في السيرة التي ذكرها الله سبحانه في سورة الأحزاب ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم و إذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون ) حشود الروم على حدود الجزيرة العربية في آواخر حياة النبي ومعركة مِته وتبوك وكذالك حشود الرومان والفرس في عهد الصديق والفروق أنتهت بمعركة اليرموك و القادسية .
الحروب الصليبية الشرسة  ( 490هـ - 619 هـ ) التي أستهدفت الشام ومصر وأدت إلى انشغال الأمة بها قرنين من الزمان ثم هجوم التتري على العراق والشام وإسقاط الخلافة العباسية وتدمير الكتب وقتل العلماء في القرن السابع الهجري .
ثم الأستعمار الأوربي للبلان الأسلامية في القرنين الماضيين ( 1798 م - 1962 م ) و محاولته مسخ الثقافة الأسلامية واستنزاف خيرات الأمة . 
وزامن ذلك الغزو الشيوعي على بلدان الأسلامية في آسيا الوسطى و نشر الإلحاد ثم غزو أفغانستان و الشيشان و استباحة دماء المسلمين واستعمار بلدانهم و نهب خيراتهم وما نشاهده الأن من هجمات صهيونية شرسة زرعها الغرب في قلب العالم الأسلامي لشرذمة من اليهود اجتمعت من جميع أنحاء العالم بأختلاف لغاتهم و عرقياتهم في هجرات متتابعة بمساعدة غربية مباشرة مع اعتمادهم المتكررة على الفلسطينيين بل تجاوزوالعدوان على البلدان العربية .
وكان هذا الجسم الصهيوني بالمساعة الغربية عاملاً مهما في تأخر الأمة وإشغالها وما جرى من احتلال لأكثر من بلد إسلامي بحجج وهمية وزامن ذلك الضغط على المؤسسات الثقافية بضرورة تغير الثقافي والمقصود منه التجفيف من منابع الثقافة الأسلامية إضافة إلى تشويه الجماعات  الأسلامية الخيرية ومرميها أيضا بتهمة دعم الإرهاب ( مع أنها أوضح وسائل ترابط المجتمع الأهلي الذي ينادون به في معظم الدول ) فتلك الجماعات تدعوا إلى الأسلام وتكفل الأيتام وتقيم المستشفيات وتحفر الآبار وتعين الفقراء وتقيم المدارس وتصب في خدمت الأسلام والمسلمين وخدمت الثقافة الأسلامية .
وهذه التحديات لن تقضي على الدين الله تعالى فقد أخبر الموالي سبحانه ببقاء دينه وظهوره ( هو الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ) ولقد قال رسوله الكريم ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يظرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) وإن من حكم المولى سبحانه أن تقع هذه التحديات عقوبة للمعارضين ليعودوا (ولنذيقهم من العذاب الأدنى دونالعذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) 
ثانيا ً : الغزو الفكري 
مجموعة من الجهود الفكرية التي تقوم بها أمة الإستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة 
وهو أخطر من الغزو العسكري فهو يدخل غالب البيوت خلاف العسكري كما أن كثير من الناس لا يشعرون به 
وسائل الغزو الفكري 
أولا : الأعلام : استغل الغربيون المتغربون وسائل الأعلام المختلفة لحرب الأسلام حيث أصبح المدافع عن أرضه و بلده أرهابياً و المحتل مدافع عن نفسه ونظرة شرسة لبعض من وسائل الأعلام ترينا مدى البلاء الذي يصيبه ليلاً نهاراً لتشويه صورة الأسلام و المسلمين و الإساءة إلى معتقداتنا و وشعائرنا وسلفنا وعلمائنا سيل من الشبهات التي تشكك في الدين وأحكامه وسيل أخر من الأفلام والتمثيليات والمسرحيات التي تتهكم بالأسلام وتقوم بعرض نماذج من أنماط الحياة تضاد الأسلام في كل شيء تمجد الجريمة تدعو إلى الفجور والفسوق وتكره في الحياة المستقيمة الفاضلة وتتهكم بالمسلمين والمسلمات وتتخذ المسلمين هزوا وتعرض ما حرم الله :الرقص الفاضح و شرب الخمر الكذب والدجل وقد قامت للتافهين أسواق ضخمة في كل مكان بأسم الفن . وقد إزداد خطر هذه الوسيلة مع إنتشار الفضائيات وتنامي الشبكة العنكبوتية حيث تجد المواقع التي تثير الشبهات وتشكك في العقائد وتنشر المذاهب الباطلة 
ثانياً : الأستشراق : هو دراسة الغربين للشرق وعلومه وأديانه خاصة الأسلام لأهداف مختلفة ومن أهمها تشويه الأسلام وإضعاف المسلمين .
ومن أهم نتائج المستشرقين في القرن العشرين دائرة المعارف الأسلامية التي صدرت بثلاثة لغات : الإنجليزية والفرنسة والألمانية وصدرت في عدة طباعات وترجمت إلى عدت لغات وقد إشترك في تأليفها أكثر من ( 400) مستشرق وبلغت أكثر من (3000) مادة في أكثر من ( 10000) صفحة أحتوت على معلومات مهمة عن الشرق والإسلام بالذات كما أنها إشتملت على شبه ومطاعن متفرقة حول القرآن والعقيدة والشريعة الأسلامية وإعلام المسلمين بلغت أكثر من (300) مطعن وإنتقاص للعقيدة الإسلامية وقد ملئت كتابات المستشرقون بالتعصب الصليبي بإعتراف كثير من المستشرقين يقول برنارد لويس ( لا تزال أثار التعصب الديني الغربي ظاهرة في مؤلفات العديد من العلماء المعاصرين ومستترة في الغالب وراء الحواشي المرصوصة في الأبحاث العلمية ) إن الكثير من المستشرقين كانو الأداة الاستعمار حيث تخلوا عن أمانتهم العلمية لتأيد المحتل يقول مراد هوفمان سفير ألمانيا في الغرب وقد هداه الله للإسلام ( وألحق أن معضم المستشرقين عن وعي أو غير وعي كانوا أداة لخدمة الأستعمار و إن كان بعض أولئك كانوا جواسيس للغرب بالفعل ) وتتعاون المخابرات الغربية - لاسيما الأمريكية - مع مراكز الدراسات الأستشراقية لاسيما فيما يتعلق بالحركات الإسلامية وبلغ أعضاء  رابطة دراسات الشرق الأوسط الاستشراقية في أمريكا إلى قرابة ( 1600) عضو سنة 1986 م ووصلت أعداد العناوين للموضوعات المنشورة عن الشرق الأوسط في الدوريات المتخصصة سنة 1987م إلى نحو (71) ألف مادة كما أن كثير من المستشرقين ينظرون إلى الشرق و الأسلام نظرة إستعلائية وقد ساق إدوارد سعيد الشواهد العديدة لذلك في كتابه الشهير ( الأستشراق ) 
ثالثا : التنصير : وعلى الرغم من أن الأمم النصرانية عن النصرانية وعلى الرغم من بيعهم للكنائس في ديارهم إلا أنهم حريصون على تنصير المسلمون وبناء كنائس في ديارنا وقد رصدو لذلك مئات الملاين من الدولارات وأرسلوا البعثات التنصيرية مجهزة بكل ما يمكن أن يحقق الهدف الذي قامت من أجله وعلى الرغم من الصعاب التي تقف في طريقهم إلا أنهم ماضون في هذا الطريق وهم يصطادون المسلمين الجهلة وينشبون أنيابهم في فقراء المسلمين حيث يقدمون لهم بعض ما يحتاجون إليه مقابل تركهم لدينهم وعقيدتهم بينما نجد العكس فيمن يسلم من الغربين حيث يسلم المتعلمين والمفكرين 
وأهم وسائل التنصير : التعليم والصحة و الإعلام و استغلال الكوارث والحروب والفقراء 
رابعا ً : تشجيع العلمانية في البلاد الإسلامية : وذلك بإقصاء الإسلام من شتى شؤون الحياة السياسية والأقتصادية و التعليمية و الأجتماعية 
خامساً : محاربة الدعوة الأسلامية : حيث إستغل الأعداء بعض الهجمات الإرهابية لمحاربة الدعوة الإسلامية لا سيما الجمعيات الخيرية الإسلامية الزج بها في تلك الأحداث واتهامها بدعم الأرهاب مع عدم وجود ما يدينهم 
سادساً : الغريب والعولمة الثقافية : وهي بأختصار فروض الثقافة الغربية عن طريق المنظمات والمؤتمرات الدولية و وسائل الأعلام المختلفة و إن كان للعلوم بشكل عام و وجوها مفيد في التقنية والأتصال و التعارف والمعلومات فإن لها جوانب خطيرة في الهيمنة السياسية والعسكرية و الإقتصادية و الثقافية . 
ويهمنا هنا ما يؤثر على الثقافة الإسلامية بدرجة كبيرة وهو الهيمنة الثقافية وفرض القيم الغربية و تغريب المجتمعات المسلمة عن طريق استغلال التفوق التقني والسياسي والأقتصادي والعسكري لختلاف الثقافات الأخرى ومصادر الثقافات الشعوب وفرض الأنماط الغربية . 


ونجد أن الغرب لا يسعى لنشر قيمة الأجتماعية فحسب على الرغم من عدم الأقتناع الواسع بها قيما بل إنه يفرضها عبر مؤتمرات دولية والضغط على الدول التي لا تستجيب حيث توالت مؤتمرات  المنظمات الدولية بهذا الخصوص مثل مؤتمر نيروبي عام 1985 م  و مؤتمر القاهرة عام 1994 م ومؤتمر بكين عام 1995 مؤتمر استمبول عالم 1996 م و مؤتمر نيويورك عام 1999 م ثم مؤتمر بكين ثم نيويورك أيضاً عام 2000 م ومحور هذه المؤتمرات يدور حول الأسرة والمرأة والطفل مركزا على الحقوق الجنسية و الحق في الأنجاب والأجهاض و الشذوذ وقضية المساواة  بين المرأة والرجل والمساوة  في الميراث وكل هذا في منظور الثقافة الغربية العلمانية المادية والإباحية التي تبيح الزنى و اللواط و تمنع تعدد الزوجات .
وفي الفصل السابع من وثيقة مؤتمر السكان جاء الحديث عن هذه الإباحة الجنسية فيقول : إنها حالة رفاهية بدنية والعقلية الأجتماعية كاملة المنطوي على أن يكون الأفراد من جميع الأعمار ازواجا ً وأفرادا ً فتيانا وفتيات مراهقين ومراهقات قادرين على التمتع بالحياة الجنسية مرضية ومأمونة هي كالغذاء حق للجميع ينبغي أن تسعى جميع البلدان لتوفيره في أسرع وقت ممكن في موعد لا يتجاوز عام 2015 أي أنه أكثر من مباح فالسعي لتحقيقه في جميع البلدان في اسرع وقت ممكن وقبل 1015 م واجب على جميع البلدان بل ولا تكتفي هذه الوثيقة بذلك و إنما تتجاوز هذه الإباحية حيث تدعوا الى التدريب و والترويج و التعزيز لهذا السلوك الجنسي المأمون و المسؤل وها هو المستشرق الألماني هاملتون جب يجعل هدف كتاب وجهت الأسلام قضية التغريب وتسأل إلى أي حد وصلت حركة تغريب الشرق ؟ وما هي العوامل التي تحول دون تحقيق هذا الهدف ؟ 
آثار التحديات التي تواجه الثقافة الأسلامية 
1- تشويه الأسلام وإثارة الشبهات حول القرآن الكريم والسنة النبوية والعقيدة الإسلامية والشريعة وما يحدث الأن من محاولة ربط الإسلام بالأرهاب وهو جزء من هذه الحملة 
2- تفريق المسلمين وإزالت الوحدة الإسلامية والدعوة إلى القوميات المتنوعة وقد كانت الرابطة التي تجمع الشعوب الإسلامية هي الرابطة الإسلامية فشجع الغرب الصليبي الشعوب المختلفة على المنادات بالقوميات التي تنتسب إليها الأمم المختلفة فنادى العرب بالقومية العربية و الأتراك بالتركية الطورانية ونادى الأكراد بالكردية وبذلك تفسكت قوى الرابطة الواحدة التي كانت تجمع  هذه الأمة وتوحيدها وقد كان ظهور هذه الدعوات سببا في إضعاف الخلافة التركية العثمانية وتحطيمها .
وقد أغرق دعات الضلال في دعوتهم عندما أحيوا الحضارة القديمة لإيجاد ميزة في الأنقسام والفرق فرأينا الدعوة إلى الفرعونية والدعوة إلى البابلية و الأشورية وغيرها 
إن الإسلام يشجع الوطنية الحقة والقومية على التعاون على البر والتقوى قال تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) ويحارب العصبيات و النعرات الجهاليات المنافية للوحدة الأسلامية وقد قال رسول الله (من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية ) أن اي وطنية وقومية يجب أن لا تتعارض مع الوحدة الإسلامية أو تكون بدلاً عنها بل يجب أن تسخر لجمع كلمت المسلمين ووحدتهم والعرب لم يجتمعوا إلا بالأسلام وقد أعزهم الله بإنزال القرآن الكريم بلغتهم وجعل البيت الحرام في بلاهم وأختار النبي صلى الله عليه وسلم نبياً عليهم وقد قال عمر ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما إبتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) إن الرابط الحقيقي بين المسلمين هي رابطت العقيدة وحميع الروابط الأخرى هي فارغة منها مثل الجوار والقرابة والقبيلة والوطن .
3- الجهل بالإسلام وعقائده وأحكامه في كثير من بلاد الإسلام و انتشار البدع والخرافات والمذاهب الباطلة كالقديانية و البهائية و انتشار الأفكار العلمانية المتطرفة التفكيرية للغاية  
4 - الهزيمة النفسية لدى بعض المسلمين واهتزاز الثوابت لديهم ونشر طبقة من الثقفين المستغربين المنبهرين بالغرب وثقافتهم 
5- إضعاف اللغة العربية التي إختارها الله لكتابه 
6- إقصاء شريعة الإسلام من الحكم والتشجيع العلمانية في بلاد المسلامية 
7- إفساد التعليم وإضعاف التعليم الأسلامي ومدارس القرآن الكريم و والمناداة بعلمانية التعليم والدعوة إلى التعليم المختلط 
8- إفساد المرآة : لقد حرص الكفار على هذا لآن فسادها يفسد الأبناء والزواج فأخراجها من بيتها وهتكوا حجابها وزينوا لها التمرد على دينها بمختلف الأساليب وزعموا أن تحضيرها وتقدمها لا يكون إلا إذا سارت مسيرة المرآة في أوربا وأفغانستان مثل حي على هذا فعندما إحتلوها لم ينقلوا لها التقدم الصناعي والتقني وإنما بدأوا بإسقاط حجاب المرأة وإنشاء دور السنما .
هدف عدونا :
إن هدف عدونا ذوبان شخصيتنا وذلك بالقضاء على مقومات كيانها وعلامات القوى فيها واحتوائها بأخلاق الضعف و الأنحلال والإباحية حتى لا تقوى على مواجهة التحديات وذلك أخطر تحديات العدو حيث إخراج أجيال ضعيفة لا تؤمن بحقها و لا تؤمن بربها ولا تستطيع أن تصمد أمام الخطر وأمام التحدي وقد أخبر الوالي سبحانه وتعالى على طاعة الكافرين والانسياق معهم فقال ( يا أيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كفرين ) و أخيراً إنهم لن يرضوا منا بالتنازلات المحدودة وبعض الطاعة ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصرى حتى تتبع ملتهم )
سبل مواجهة التحديات الثقافية :
1- تعزيز الهوية بأقوى السلاح وهو العودة إلى الأسلام وتربية الأمة عليه بعقيدته القائمة على توحيد الله سبحانه والتي تجعل المسلم في عزة معنوية عالية ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) وبشريعته السمحة وأخلاقه وقيمه الروحية وتقوى صلة الله سبحانه واليقين بنصره وتمكنه للمؤمنين إذا إستجابوا لربهم وقاموا بأسباب النصر فالهزيمة الحقيقية هي الهزيمة النفسية من الداخل حيث يتشرب المنهزم كل ما يأتيه من المنتصر أما إذا عززة الهوية ولم تستسلم من الداخل فإنها تستعصي ولا تقبل الذوبان 
2- العناية بالثقافة الإسلامية وبالغة العربية تفعيل التعريب والترجمة والتقليص من التعلق باللغة الأخرى إلا في حدود الحاجة الأزمة 
3- إبراز خصائص الإسلام وعالميته وعدالته وحضارته وثقافته وتاريخه للمسلمين قبل غيرهم ليستلهموا أمجادهم ويعتزا بهويتهم 4- العمل على نهوض الأمة على شتى الميادين دينياً وثقافياً وسياسياً وعسكريا ً واقتصادياً وتقنياً ومحاربة أسباب التخلف والفساد وعلينا أن نغير ما بأنفسنا من تخلف أو تقاعس فإن من سنن الله تعالى سنة التغيير ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) 
5 - مواجهت التحديات بالتعليم والتدريب و التثقيف والتحصين ورفع الكفاءة وزيادة الأنتاج ومحاربة الجهل وخفض معدلات الأمية المرتفعة عند المسلمين .
6- تقليص الخلافات بين المسلمين حكومات وشعوباً وجماعات بالأعتصام بكتاب الله ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) ثم التعامل معها إن وجدت بثقافة إيجابية فعالة ناصحة حتى لا يجد الأعداء ثغرة من خلالها .
7- ضمان حرية الثقافة وتدعيمها حيث إن حريت الثقافة وإن كانت تنبع من العدالة في توزيع الإمكانات و الإبداعات الإنسانية على الأفراد فإنها في الوقت نفسه عامل أساسي في إغناء الحياة الثقافية وزيادة عطائها ولكن لا يجوز فهم الحرية على أنها فتح للباب أمام كل تعبير وقبل كل فكر ولكن الحرية  المقصودة هي الحرية المنضبطة بضوابط الشريعة 
8- أن تقوم وسائل الأعلام بواجباتها في الحفاظ على الحوية ودعمها بدلا من إستيراد البرامج التي تهدم الهوية دون نظر أو تمحيص كما أن على الدول والعلماء وقادة الرأي ورجال الأعمال الضغط على وسائل الإعلام الخاصة كل بها يستطيع لمراعاة هوية الأمة وقيمها .
9- أن يقوم التعليم بتعزيز الهوية وكشف سلبيات العولمة والتغريب ويتحتم على الإعلام التربوي استخدام كافة الوسائل والأساليب والطرق المتاحة كي ينجح في تأصيل القيم والمهارات والمعارف والمعلومات في مؤسسات المجتمع و منظماتها وتحصين الأطفال ضد ثقافة الأستهلاك والتغريب وتقديم مادة غنية ثرية تحدث أثر إيجابي وتترك صدى قوياً في نفسية التلاميذ صغاراً وشباباً وتساعد على إكتشاف ما يملكون من طاقات ومهارات 
10 - تنشيط التفاعل والحوار الثقافي والإسلامي مع ثقافات الأمم الأخرى وأن نتعرف على الآخرين وثقافاتهم والكشف عن مواطن القوة والضعف في الثقافات المختلفة لا سيما الغربية ودراسة سلبياتها وإيجابياتها برؤية إسلامية متفتحة للاستفادة من إيجابياتها وإن نثري ثقافتنا العربية الإسلامية بما  نراه ينفعنا ولا يضرنا من الثقافات الكونية الأخرى وفي الوقت نفسه نعرف تلك الثقافات العالمية بما لنا من عقيدة وقيم وتراث وتقاليد اجتماعية عريقة وأن يواكب ذلك عملية أخرى هي عملية التخلص من الإحساس بمركزية الغرب و نزع صفة العالمية و العلمية والمطلقية عن حضارته . 
11- تشجيع المؤسسات الخيرية والدعوية داخل البلاد الإسلامية وخارجها على ممارسة عملها ودعمها بكل طريق مادياً ومعنويا وعدم السقوط في فخ الأعداء بتصيد أخطائها وتشويه سمعتها عند حدوث خطأ ما وإنما بالنصيحة الإجابية الفعالة وما نراه بفضل الله تعالى من مؤسسات إسلامية ودعوية كانت مركز أو مدارس إسلامية أو وسائل إعلامية كمواقع الإنترنت وشركات الإنتاج الإعلامي الإسلامي أو إذاعات القرآن الكريم أو مكاتب دعوة الجاليات التي تميزت بها المملكة العربية السعودية والتي تثمر دخول الآف المسلمين الجدد كل عام أو مدارس وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم إلى غير ذلك من المؤسسات التي تسهم ضد التحديات الثقافية لذا لا نعجب من أن تكون هذه المؤسسات الخيرية أحد استهدافات الأعداء ومحاولة رميها بالإرهاب بكل طريق ومحاربة أنشطتها وتشويه سمعتها وتجفيف مواردها .
موقف المثقف المسلم من الثقافات الأخرى 
تتقاسم العالم ثقافات مختلفة تمتد كل منها في مناطق كبيرة من العالم وقد سيطرت الثقافة الغربية في هذا العصر على بقية الثقافات نظرا لآنها مدعومة عسكريا وإعلاميا وإقتصاديا وسياسيا لذا سيكون التركيز في بيان الموقف منها بسبب ذلك وهناك عدة اتجاهات في الموقف منها وهي: 
1- الأتجاه السلبي : يرى أتباعه عدم الأخذ أو الأتصال بأي من الثقافة والحضارة الغربية وعدم الاستفادة من كل ما انبثق عنها من منافع في مختلف المجالات يرفضون الثقافة الغربية لأنهم ينظرون لسلبياتها وما تحمله من أمراض لذا جاء الرفض لها ككل وهذا الموقف لا يتناسب مع الأصول الإسلامية الصحيحة التي تدعو إلى الإفادة من كل شيء لا يصادم أصول الإسلام لآن الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها . 
2- الأتجاه التغريبي : يدعو أصحابه إلى الأخذ بكل أسباب الثقافة والحضارة الغربية مقبلا على كل معطياتها خيرها وشرها من علم وصناعة وثقافة وحتى أسلوب الحياة لأنهم يرون أن الثقافة كل لا يتجزأ إما أن تؤخذ كلها أو تترك كلها ويكثر هذا الأتجاه لدى العلمانين أمثال طه حسين وغيره  والحديثين .
3- الأتجاه التفريقي : يرى أتباعه التوفيق بين الثقافتين الإسلامية والغربية وفي حال حدث تعارض يرون أنه لابد من تقريب بعض مبائ الإسلام التي تتعارض مع حضارة الغرب وثقافتهم وتطوير ذلك المباد حتى تواكب حضارة الغرب انطلق هدا الأتجاه من الحاجة المالسة لمواجهة كثير من القضايا المستجدة لكنه انتهى إلى المطالبة بالنظر في التشريع الإسلامي كله والقيام بمحاولة التوفيق بين الثقافة الإسلامية والغربية من خلال الدعوة إلى تقريب المبادئ بينهما وتطوير الأسلام ليتناسب مع معطيات الثقافة الغربية مع الميل إلى تبني الثقافة الغربية والبحث عن الأدلة المؤيدة لذلك من أقوال العلماء المفكرين المسلمين بحجة أن مصالح المسلمين تتطلب هذا التطوير وفي هذا مسخ للإسلام وتشريعاته وتشويش على المسلمين مع تفريق وحدتهم . 
4- الأتجاه المعتدل : يرى أتباعه أن يحفظ المسلمون بإسلامهم وثقافتهم المتمثلة في الكتاب والسنة مع الوقوف عند حدود الفكر الإسلامي الأصيل مع الإفادة من خبر ما أفادت منه المدنية الغربية في شتى المجالات من العلوم التجريبية فيرون أخذه المناسب من الحضارة الغربية ترك ما لا يناس منها لأن الحكة ضالة المؤمن يأخذ من كل أحد ما لم تعارض ثقافته 
وهذا الأتجاه الأخير هو الأتجاه الصحيح الذي يحاول الوقوف في وجه تحديات الثقافة الغربية مع الأستفادة من المفيد فيها 
هذه المواقف الأربعة بتوجهاتها المختلفة أثر في المجتمع الإسلامي بصورة لا يمكن تجاهلها لأنها أدات إلى اضطرابات سياسية تصدعات اجتماعية وصراعات داخلية أنهمكت لأمة ومزقت شملها وأحدثت الفرقة بين صفوفها مما ساعد كثيراً على تغلغل الفكر والثقافة الغربية بطريقة قوت حدة التناقض في الحياة العلمية المعنوية نتيجة للتناقض الحاد بين المواقف والأفكار المحيطة بالفرد المسلم الذي وقع أسيرا لها والوهن العقدي والفوضى الفكرية والتخبط السلوكي 
الحوار بين الحضارات 
الحوار منهج قرآني فقد كلم الله ملائكته واستمع منهم ( و إذ قال ربك للملئكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها وسفك الدماء ) وكذلك رساه ( وإذ قال الله يعيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) وحتى مع الكافرين ( قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك ءايتنا فنسينها وكذلك اليوم تنسى ) وحتى مع إبليس ( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقني من نار وخلقتني من طين ) والقرآن مليء بمحاورات الرسل مع أقوامهم ( قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموت والأرض ) وتأمل حوار إبراهيم عليه السلام مع مدعي الربوبية ( ألم تر إلى الذي حاج إبرهم في ربه أن ءاته الله الملك إذ قال إبراهم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبرهم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظلمين ) وحوار موسى مع فرعون مدعي الألوهية والربوبية في سور عديدة في القرآن وكذلك بقية الرسل عليهم صلوات الله وسلامه حيث يحاورون أقواتهم بالحكمة لدعوتهم إلى الله وبيان الحق لهم والرد على شبهاتهم وهذا القرآن يحكي حوار النبي مع امرأة ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) وحضارتنا الإسلامية على مدى التاريخ هي حضارة الحوار فقد حاور علماء المسلمين كافة أهل الملل والنحل بالمنهج القرآني والدعوة إلى الخير 
ثانيا : أهم أهداف الحوار في الإسلام : 
1- الدعوة إلى الإسلام وعبادة الله وحدة لا شريك له :وهذا أسمى هدف ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صلحا وقال إنني من المسلمين )  ويدخل في ذلك إبراز محاسن الإسلام والرد على سبهات أعدائه وإيضاح الحقيقة العظيمة في الحكمة من خلق البشر وما يراد منهم وما يراد بهم وما مصيرهم .
فالحوار مطلب إسلامي لكي نقوم بواجبنا تجاه الأمم الأخرى ليس لإفادة أنفسنا فحسب بل لفائدة الأمم الأخرى أيضاً لنوصل إليها الخير الذي أمرنا به فالأمة الإسلامية هي صاحبة الرسالة الأخيرة وعلينا واجب البلاغ قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )  
2- تحقيق وظيفة الإنسان في الأرض : وهي الخلافة وعمارة الأرض ( وإذ قال ربك للملئكة إني جاعل في الأرض خليفة ) 
3- تبادل العلوم النافعة : وحل الإشكالات القائمة والتعاون على الخير ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدون 
أهداف باطلة من الحوار : 
1- موالاة الكفار ومودتهم من دون المؤمنين فقد جاءت النصوص القطعية في النهي عن ذلك قال الله تبارك وتعالى :( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) 
2- التنازل عن شيء من ثوابتنا العقدية أو الشريعة أو المشاركة في الدعوات المغرضة لوحدة الأديان التي تساوي الإسلام بغيره وخلط الحق بالباطل أو مشاركة الكفار في باطلهم وقد نهى الله نبيه عن ذلك فقال سبحانه ( قل يأيها الكفرون لا أعبد ماتعبدون ولا أنتم عبدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين ) وقال أيضاً : ( ودوا لو تدهن فيدهنون )
ثالثاً : آداب الحوار :
1- حسن القصد من الحوار : وذلك بالإخلاص لله والرغبة في طلب الحق قال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) 2- العلم : فلا حوار بلا علم والمحاور الجاهل يفسد أكثر مما يصلح وقد ذم الله سبحانه وتعالى المجادل بغير علم ( ومن الناس من يجدل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتب منير ) العلم في كافة مواضع الحوار فيشمل العلم بالإسلام وعقيدته وحضارته والعلم بالمحاورين و خلفياتهم وكافة ما يحتاج إليه في الحوار 
فالمحاور المسلم داع إلى الله يجب أن تكون دعوته بعلم وبصيرة كما قال سبحانه :( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فالعلم بالإسلام وحضارته وشبهات المخالفين في غاية الأهمية في حوار غير المسلمين لإقناعهم ورد شبهاتهم فضلا عن عدم الانخداع والتأثر بها 
3- التزام القول الحسن وتجنب منهج التحدي والإفحام : حيث إن أهم ما يتوجه إليه المحاور التزام الحسنى في القول والمجادلة ففي محكم التنزيل ( قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) ( وجدلهم بالتي هي أحسن ) وعلينا أن ننأى بأنفسنا عن أسلوب الطعن والتجريح والهزء و السخرية وألوان الاحتقار والإثارة والاستفزاز 
4- التواضع واللين والرفق من المحاور وحسن الاستماع وعدم المقاطعة والعناية بما يقوله المحاور : فهو أدعى للوصول إلى الحقيقة واستمرار الحوار وهذا ما علمناه القرآن فقد أمر الله نبيه موسى وأخاه هارون عليهما السلام عند مخاطبة فرعون الذي طغى وتجبر وادعى الألوهية والربوبية فقال سبحانه ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) 
5- الحلم والصبر : فالمحاور يجب أن يكون حليما صبورا فلا يغضب لأتفه سبب فإن ذلك يؤدي إلى النفرة منه والابتعاد عنه والغضب لا يوصل إلى إقناع الخصم وهدايته وإنما يكون ذلك بالحلم والصبر والحلم من صفات المؤمنين قال  تعالى :( و الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) وعندما قال رجل للنبي أوصني قال ( لاتغضب ) وكررها مراراً ومن أعلى مراتب الصبر والحلم مقابلة الإساءة بالإحسان فإن ذلك له أثره العظيم على أعلى مراتب الصبر والحلم مقابلة الإساءة بالإحسان فإن ذلك له أثره العظيم على المحاور وكثير من الذين اهتدوا لم يهتوا لعلم المحاور واستخدامه أساليب الجدل وإنما لأدبه وحسن خلقه واحتماله للأذى و مقابلته بلإحسان وقد نبه الله الداعين إليه إلى ذلك الخلق الرفيع وأثره وفضل أصحابه فقال : ( ومن أحسن قول ممن دعا إلى الله وعمل صلخا وقال إنني من المسلمين *ولا تستوي الحسنة ولا السيئة أدفع بالتي هي أحسن فإن الذي بينك وبينه عدوة كأنه لي حميم * وما يلقها إلا الذين صبروا وما يلقها إلا ذو حظ عظيم ) 
6- العدل ولإنصاف يجب على المحاور أن يكون منصفا فلا يرد حقا بل عليه أن يبدي إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدله الجيدة المعلومات الجديدة التي يوردها محاورة وهذا الإنصاف له أثره العظيم لقبول الحق كما تضفي على المحاور روح الموضوعية 
والتعصب وعدم قبول الحق من الصفات الذميمة في كتاب الله فإن أمرنا بلإنصاف حتى مع الأعداء فقال ( يأيها الذين ءامنوا كونوا قومين لله شهداء بالقسط ولا يجر منكم شئان قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى) و الإسلام ينطلق في الحوار من التكافؤ بين البشر لا تفاضل لعرق كما حكى الله عن اليهود قولهم ( نحن أبنوا الله وأحبؤه ) أو لو ن  كما يدعي العنصريون البيض في أوروبا أو طبقية كما هي عند الهندوس وإنما بصلاحهم ولنتأمل آية قرآنية مفتتحة بالمبدأ ومقررة وجود الاختلاف ومبينة أهمية التعارف وخاتمة بميزان التفضيل ( يأيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) وهذا الاختلاف من آياته سبحانه ( ومن ءايته خلق السموت والارض واختلف ألسنتكم وألونكم إن في ذلك لآيت للعلمين ) فالإسلام يقرر أن الاختلاف حقيقة إنسانية طبيعية وبتعامل معها على هذا الأساس ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجلكم أمة وحدة ولكن ليبلوكم في ماءتكم فاستبقوا الخيرات ) فوجود الأختلاف أمر واقع وله حكم إلهية ويجب التعايش وفق ما أمر الله من الدعوة و النصيحة .
وأخيرا هذه نظرتنا للحوار والاختلاف ولكن عندما ننظر إلى الوقع ودعوات الحوار الصادرة من الغرب لنا أن نتساءل : كيف يؤتي الحوار ثماره في العالم اليوم بين الشرق والغرب أو بين الشمال والجنوب وهو يصاحب الهيمنة والاستعلاء والظلم والجور والاحتلال ولغة السلاح .
أي حوار ينادي به الغرب مع هذا العوان والظلم ولغة الأستعلاء وفرض المصطلحات و استغلال التفوق الإعلامي لتشويه الآخرين 
كيف نثق بهذا الحوار الذي يهدف إلى نمط جديد من الدبلوماسية لتكريس الظلم ومصالح بالأقتصاد والسياسة ومواصلة الحرب والصراع والأحتلال .
إن الغرب مطلوب منه قبل أن يتحدث عن الحوار ونشر الديموقراطية (والشرق الأوسط الكبير ) إن كان يريد خيرا بالآخرين يجب تخفيف الهوة السحيقة بين البلدان الغنية والفقيرة وعليه مساعدة البلدان التي خربتها الحروب كالصومال وأفغانستان وغيرها على إنهاء ذلك الوضع بل أن تكف يدها عن إشعال الفتن في تلك البلدان .
 بعد ذلك يقال أننا نرفض الحوار و التسامح ومن يتهمنا بذلك ؟ إنه المستعلي الظالم المحتل لآرضنا والساعي لتشويه ديننا وثقافتنا ومع ذلك فلا نزال نقول إننا مع دفاعنا عن ديننا وثقافتنا وأرضنا وأنفسنا فإننا نرى أن الحوار هو خيار مهم لتحقيق أهدافنا العليا القائمة لمصلحة البشرية . 
رابعا: السنن الإلهية المتعلقة بالحضارات 
يبين الله تعالى في آيات كثيرات من القآن الكريم أنه سبحانه قد خلق هذا الكون وفق منهج سنني مطرد وأنه قد أخضع كل أمر فيه لسنة (= قانون ) لا تتبدل ولا تتحول وأن هذه السنن لا تسري فحسب على المخلوقات المادية بل تسري كذلك على حياة الأمم الغابرة لا ستنباط تلك السنن التي على أساسها تنهض الأمم أو تنحط أو تبيد ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى :( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة الذين من قبل ) وذلك لأن التاريخ _ بمنظور القرآن الكريم_ هو المختبر الحقيقي لصواب الفعل البشري ومن ثم فإن العودة إلى صفحات التاريخ وفهم سنن الوجود الاجتماعي يكسبنا القدرة على تسخير هذه السنن في بناء المجتمع الفاضل الذي يعيد هذه الأمة إلى موقع الشهادة على العالمين كلما أردها رب العزة سبحانه حيث قال :( وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) ومن هذا المنطلق فقد بينت آيات عديدة من القرآن الكريم سنن المعادلة الحضارية التي لا تتخلف والتي تحكم مصائر البشر على اختلافهم وتنوعهم ومن هذه السنين : 
1- سنة التدافع الحضاري : وهي التي بينها قوله تعالى :( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) فقد اقتضت حكمة الخالق أن يكون بين البشر نوع من التدافع يمنع استنثار طائرة من البشر بمصير البشرية كلها إلى نهاية التاريخ وسنة التدافع هذه ماضية إلى يوم القيامة باعتباها سنة مطردة وليس كما زعم المفكر الأمريكي ( هنتنغون ) وأضرابه من أن الصراع على وشك التوقف وأن السلام العالمي لن يلبث أن ينشر جناحيه على العالم نعم قد تهدأ حدة الصراع حينا من الزمان حتى ليخيل إليك أن البشرية قد بلغت أخيرا سن الرشد وآمنت بأن ( الصلح خير ) إلا أن النظرة عابرة كاستراحة المحارب جولتين .
2- سنة التداول الحضاري : وقد بينها قوله تعالى :( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) فليس لأمة من أمم الأرض أن تستأثر بمشعل الحضارة حتى آخر الزمن وقد تناوبت على حمل هذا المشعل حتى الأن أمم كثيرة جداً منها المؤرخ البريطاني الشهير ( أرنولد تونبي ) في موسوعته القيمة ( دراسة في التاريخ ) أكثر من ( 650 أمة ) ثم تخلت عنها لتسلمها إلى غيرها وهكذا هي سنة الله في خلقه ومن ثم فإن الزعم بنهاية التاريخ عند نموذج حضاري بعينه كما فعل ( فوكوياما ) وقرينه (هنتنغتون ) ما هو إلا من قبيل ( التسويق ) الفاشل لبضعة لن تجد لها بعد حين قصير من الزمان من يشتريها ولبيس انهيار حلم الحضارة ( الاشتراكية ) عنا ببعيد 
3- سنة الهلاك أو التدهور : وهي سنة جارية لن ينجو من قبضتها أي من أمم الأرض حتى المؤمنة منها لقوله تعالى :( وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا ) فليس لأمة مهما أوتيت من جبروت سياسي أو تقدم تقني أو إنجاز علمي أن تبقى في القمة حتى آخر الزمن بل الكل إلى انحدار أو هلاك أو عذاب مدمر قبل يوم القيامة ومن أبلغ دروس التاريخ أن الانهيار غالبا ما يجيء وأهل الحضارة في قمة النشوة كما بين الله في كتابه العزيز حيث يقول ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها انهم قدرون عليها أتها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلنها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفضل الأيات لقوم يتفكرون ) فإذا ظنت الأمة أنها قد بلغت أوج مجدها وأنها ملكت زمام الأمور جاءها أمر الله لينحيها عن دفة القيادة وحل في ديارها الخراب والدمار وهذه أيضا سنة جارية مطردة من سنن الله في الخلق شواهدها في صفحات التاريخ وفي أطلال الحضارات البائدة التي تملأ الأرض .
4- سنة أن التطور الحضاري متاح للجميع : فليس التقدم الحضاري حكرا على أمة من أمم الأرض دون غيرها كما زعمت بعض النظريات العنصرية ( النازية مثلا ) وكما يزعم اليوم دعاة الغرب الذين يعتقدون أن التاريخ قد انتهى عند نموذجهم الليبرالي والحضارة أيضا ليست حكرا على المؤمنين دون الكافرين كما يخيل لبعضهم فيظنون أنهم (شعب الله المختار ) أو أنهم ( أولياء الله وأحباؤه ) وفي هذا يقول تعالى :( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما عطاء ربك محظورا ) ومن ثم فإن الحالة الحضارية قد تقوم على قيم إيمانية وأسس أخلاقية وقد تقوم على قيم وأسس غير هذه كما هي حال الحضارة الغربية اليوم .
وهكذا نجد أن الحضارة الغربية السائدة اليوم والتي يروج بعضهم لنموذجها مدعيا أنها النموذج الجدير بالاقتداء وأن التطور البشري قد وقف عندها باعتبارها قد بلغت القيمة لا تخرج عن سنن الله في خلقه وأنها تندرج في إطار تلك السنن وأنها ليست سوى مرحلة من مراحل التاريخ وسوف يجيء يوم قريب أو بعيد فيطويها التاريخ في قبضته التي لا ترحم ويحولها إلى مجرد ذكرى في سجلاته التي علاها الغبار ومن يدري فقد تغيب حتى عن ذاكرة التاريج نفسه فلا يعود يذكر من أطلالها شيئا كما فعل مع كثير من الحضارات التي بادت واندرست ولم تحفظ لنا سجلات التاريخ عنها شيئا فهل من مدكر ؟ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق